«بوتين .. زيلينكسي»| لاعب الشطرنج الخبيث.. والممثل العبيط

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عندما تكون المواجهة بين ثعلب مخابراتى ترعرع فى جهاز المخابرات السوفيتي الـ《كى جي بي》، وبين ممثل مغمور .. النتيجة بالتأكيد ستكون محسومة لا جدال فيها..
فهناك فارق كبير بين القيام بمهام وعمليات مخابراتية وسرية لحفظ الأمن الوطنى لدولة ومواجهة المخططات الخارجية التى تهددها وتسعى لهدم استقرارها.

وبين القيام بدور ثانوى فى فيلم أو مسلسل درامي أو بطولة مطلقة، يقوم الممثل بتشخيصه بالاجادة فى الاندماج فى الشخصية - لا يسمن ولا يغني من جوع - ويمكن أن يأخذ عليه جوائز عالمية، ويحقق العمل الدرامى أو السينمائى نجاحا منقطع النظير ماديا وشهرة.

هذا هو الفارق الذي كشفته لنا العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا، اكتساح قوات مسلحة بشرية ومعدات عسكرية بمختلف أنواعها .. دمار وقتلى وخسائر فى الأرواح والمعدات ، وقلق وذعر بين المواطنين، وشلل تمام فى كل المجالات والقطاعات بالدولة وتوجيه كل مقومات الدولة للمجهود الحربي للدفاع عن الوطن.

وهنا لا نتحدث عن الحرب وويلاتها وما تخلفه من آثار ودمار، ولكن نتحدث هنا عن القيادة الرشيدة لدولة .. والقيادة 《العبيطة》.

فالحرب واستعدادتها تختلف عن التجهيز لعمل فني، وهذا هو الفارق فى هذه الحرب الروسية الأوكرانية،  فالثعلب الروسي يعلم جيدا ما خطط له، ولكن الممثل المغمور اعتقدها فيلم سينمائي لا يمت للواقع بصلة، فأطلق العنان لخياله الذى أوصله إلى أن بمقدوره ترويض الدب الروسي بمساعدة من تخلو عنه وقت الجد.. واكتفوا بالإدانة والشجب لوحشية العدوان الروسي على اوكرانيا.

فالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكى بتصريحاته النارية والقرارات العنترية الغير مسئولة التي قادت بلاده للدخول إلى حروب ليست على استعداد لها أو ليست لها المقدرة على تكتيكاتها، وجعل من أوكرانيا آداة طيعة في يد دول أخرى لتقوم نيابة عنها في الدخول بمعارك ليست لها فيها ناقة ولا جمل، وستكون النتيجة محتومة بالفعل، دماء ودمار وزعزعة استقرار البلاد، وهروب مواطنيها إلى دول الجوار كلاجئين بعد ان كانوا آمنين مستقرين فى سربهم.

فقد ارتضي زيلينكسي ان يكون عروس مارونيت تحركها يد الإدارة الأمريكية وحلفائها من الدول الغربية، وعاش في وهم الوعود الأمريكية بأن القوة العسكرية الأمريكية ومعها ٢٧ دولة أعضاء حلف الناتو سيكونون هناك قبل الجنود الأوكران على الحدود السوفيتية، ودعما اقتصاديا لا محدود لاوكرانيا التى ستكسر الشوكة الروسية، ووعد بعد وعد .. انتفخت الذات لدى زيلينكسى، وتخطت نرجيسته حدود العقل، ولم يتعظ من التاريخ القريب الذى خطه الثعلب الروسي لاستعادة الهيبة للدب الجريح الذى استعاد عافيته، وبدأ يستعيد حقوقه التى اعتبرها مسلوبة منذ تسعينات القرن الماضي، بسقوط الاتحاد السوفيتي، ولم يعي الدرس فى جورجيا والقرم جيدا، ليجد فى النهاية زيلينكسي نفسه عاريا من الوعود الأمريكية والغربية.

ليخرج الرئيس الأوكراني «زيلينكسي» بعد أن أصبحت القوات الروسية على مشارف العاصمة كييف، صارخا للمساعدة متضرعا إلى من ألقوه فى آتون الحرب الروسية، وتركوه وحده فى مواجهة الدب الروسي، الذى لم تأخذه به رحمه، ولكن لا مجيب لصرخاته ، ولا معين على وقف انهيار بلاده .

فلم يعي الرئيس الأوكراني الرسائل المتتالية من الرئيس الروسي بوتين بأن لا ينخدع بالوعود الكاذبة لأمريكا وحلفائها وأنه لن يترك لحلف الناتو ان يقترب من الاتحاد الروسي، ولكن زيلينكسي اندمج في تمثيل دوره في الفيلم الأمريكي، إلى أن أدرك الأمر، وصرخ قائلا بغضب: «سألت 27 قائدا أوروبيا عن عضوية أوكرانيا في الناتو ولم يجبني أحد»، في تلميح صريح وتأكيد أن كييف تقف وحدها أصبحت في مواجهة الدب الروسي.. بعد أن سقط مئات الجنود الأوكران وتحطمت القواعد العسكرية الأوكرانية بمعداتها الأمريكية قبل استعمالها، ليصبح ظهر الرئيس الأوكراني عاريا تماما من أى حليف ضد العدوان الروسي، ويتألم «زيلينسكي» من الفخ الأمريكي والغربي الذى سقط فيه صارخا 《 إنّ كل دول العالم قد تركتنا بمفردنا لمواجهة روسيا دون عون او سند》.

  فصافرات الإنذار تدوى فى كييف والمدن الأوكرانية .. تعيد الأذهان ويلات الحرب التى عانى منها العالم فى الحرب العالمية الأولى والثانية، وكل زعماء العالم من الذكاء بمكان أن لا يتركوا الأمور تصل إلى هذا الحد لتكون حربا عالمية ثالثة، وفي مقدمتهم أمريكا وحلف الناتو، فهم على دراية كاملة بالعواقب التى يمكن أن تصل إليها الأمور فى حال تطورها وتهورها، والثعلب الروسي على علم كباقي قيادات العالم بهذه الأمور وبالتأكيد تم التخطيط جيدا إلى اى مدى ستصل القوات الروسية وما هو المطلوب من العملية العسكرية فى الأراضي الأوكرانية.

انها السياسة يا سادة منزوعة القلب، تنحاز دائما للأقوى.. لا ترأف لمناظر الحرب البشعة، ولا تتحرك مشاعرها لانتشار الدماء فى الشوارع، وصراخ الاطفال وترمل النساء.. إنها آلة الحرب التى لا تبقي ولا تذر، فمنذ التحرك الروسي والعالم يتابع ويشاهد ويتألم ويحمد الله على أن ويلات الحرب لم تطول بلاده، ويمصمص الشفاه على الأحوال البائسة التى وصل لها الحال بالمواطن الأوكرانى، الذى يعيش الآن فى الملاجئ تحت الأرض ومحطات مترو الانفاق والصالات المغطاة، في انتظار المساعدات الدولية التى تشدقت بها قيادات العالم لمساعدة المواطنين الاوكران، بعد أن قذفوا بهم في آتون الحرب التى لا تبقي ولا تذر، نتيجة رعونة قيادة غير واعية بمقدرات الدولة، واعتبرت الحرب نزهة سيعودون منها ظافرين ومحطمين لأسنان الدب الروسي، ولكن هيهات أن يكون مشهد في فيلم سينمائي مهما كان إبداع الفنانين أن يصل إلى واقعية طلقة رصاص واحدة حقيقة أطلقت في أرض المعركة.

فالرئيس الروسي بوتين أعد بلاده وجيشه وسلاحه وأقام أركان الإتحاد الروسي اقتصاديا واجتماعيا ، ونجح فى الحرب الاقتصادية بالسيطرة على القارة العجوز، بالتحكم فى مصادر الطاقة بعد أن سيطر الغاز الروسي على كل دول الاتحاد الأوروبى، والذي قفز سعره إلى الضعف فور انطلاق العملية العسكرية فى اوكرانيا ، وخرجت تصريحات معظم الدول الأوروبية وأولها ألمانيا أن الغاز الروسي لم يندرج على قائمة العقوبات على روسيا.

فقد جلس الثعلب الروسي بهدوء لاعب الشطرنج الخبيث، يتابع بهدوء التصريحات التى أطلق لها العنان الرئيس الأوكراني، معتمدا على الدعم الأمريكي والغربي، ولم يظل بوتين صامتا بل وجه النصح للرئيس الأوكراني بأن أمريكا وحلفائها لن يقفوا بجواره ، "بما معاناه المستغطي بيهم عريان".. وظل هادئا حتى حرك أحد عساكر الشطرنج بحركة مدروسة جيدا ليقضي على الملك الأوكراني.

وبما أن الرئيس الأوكراني ما زال لم يعي الدرس جيدا، ما زال يسعى للشهرة يخرج يوميا ببث تليفزيوني تارة يطلب التفاوض وتارة يطلب العون من حلفائه الذين باعوه، وتارة يرفض التفاوض ويطلب الإنقاذ من مختلف الدب الروسي،  ثم يعود ويطلب وقف إطلاق النار .. وتارة يرفض الجلوس والتفاوض.. والدب الروسي ما زال محصارا العاصمة كييف.

 ولم  يبقي أمام الرئيس الاوكرانى سوى العرض الأمريكى الذى عرضه بايدن باستقباله فى أمريكا.. انتهي الدرس يا..  زيلينكسى